التأخر الدراسي مشكلة تربوية أرقت مضاجع كثير من التربويين وكثير من الآباء والأمهات ولا يوجد أسرة تقريبا إلا وتعاني من هذه المشكلة وبها طالب أو أكثر متأخرا دراسيا ، وهنا أود أن أذكر أن هناك أنواع للتأخر الدراسي أو ضعف المستوى التحصيلي عند الطلاب ومنها :ـ
1ـ تأخر دراسي عام : ويكون الطالب متأخر في جميع المواد الدراسية0
2ـ تأخر دراسي خاص: ويكون الطالب متأخر في بعض المواد أو في مادة دراسية معينة0
3ـ تأخر دراسي دائم: أي يدوم طويلا وذلك بسبب ، وإذا زال السبب عاد الطالب إلى وضعه الطبيعي 0
4ـ تأخر دراسي مرتبط بموقف معين أو مواقف بعينها حيث يقل مستوى تحصيل الطالب الدراسي نتيجة لتعرضه لموقف مؤلم كوفاة أحد والديه أو تكرر مرات رسوبه ، فالتأخر هنا مرتبط بمواقف أو خبرات غير سارة0
5ـ تأخر دراسي حقيقي وهذا مرتبط بنقص ذكاء الطالب وقدراته0
أمّا الأسباب التي تؤدي إلى التأخر الدراسي فهي :ـ
1ـ أسباب وعوائق نفسية وعقلية وأهم عامل فيها النمو العقلي ونسبة الذكاء ، والأسباب النفسية من المحتمل أن تكون منذ نشأة الطفل وطريقة تربيته ، فربما تلقى تربية خاطئة قامت على التخويف والعقاب ، وربما تربى على أسلوب جعله يحب الانطواء وعدم المشاركة وربما تربى على أسلوب فيه تفضيل يقع من قبل الوالدين لأحد أخوته ، ومن المحتمل أن يكون صادف خبرة سلبية في أول مجيئه إلى المدرسة وهذه الخبرة قد أثرت عليه وجعلته يكره المدرسة والدراسة بشكل عام 0
أمّا أبرز العوامل العقلية المتسببة في ضعف التحصيل الدراسي ، فهو الذكاء، ومن أبرز خصائص ذكاء المتأخرين دراسيا هو صعوبة إدراك العلاقات بين الأشياء ، وتكون نسبة ذكاؤهم تتراوح بين 75ـ أقل % 00وقد يكون سبب انخفاض ذكاء الطالب عائد لعامل وراثي ، وقد يكون لسبب بيئي وما تعرض له من أمراض في صغره أثرت على قدراته العقلية0وكذلك يكون لضعف الثقة بالنفس والخمول والخجل والانطواء دور في نشوء التأخر الدراسي عند الطالب0
2ـ أسباب اجتماعية : تأتي هنا أهمية العلاقة بين التلاميذ بعضهم ببعض وبين التلاميذ والمعلمين وبين التلاميذ وأسرهم ، وقد تكون للتنشئة الاجتماعية التي تلقاها الطفل في صغره أثر كبير جدا 0وكذلك علاقة الطفل بأفراد أسرته لها الدور الكبير في المستوى التحصيلي ، فالعلاقة الجيدة الايجابية تزيد في مستوى الطالب أمّا العلاقة غير الجيدة والسلبية فهي سبب في تدني مستوى الطالب التحصيلي والدراسي0
3ـ أسباب صحية : فقد تكون صحة الطالب العامة دون المستوى وقد يشكو الطالب من عدم سلامة القلب ، أو الرئتين ، أو يعاني من اختلاف أو خلل في وظائف الغدد ، وقد يكون مصاب بضعف في السمع أو البصر بالإضافة إلى الإصابة بفقر الدم وغيرها من الأسباب ، هذا من ناحية الصحة الجسمية أمّا الصحة النفسية فهي مهمة جدا ، فالطالب الذي يعاني من مشكلات نفسية وعاطفية وسلوكية واجتماعية قد جاء من بيت تحكمه علاقات مضطربة هذا ما أثبتته الدراسات التي تمت في هذا المجال ، على عكس الطالب الذي جاء من بيت العلاقة فيه جيدة وديمقراطية ، وغالبية الطلاب المفصولين والمتأخرين في دراستهم بسبب سوء التكيف حيث هم من أبناء الأسر المفككة ، كما أثبتت الدراسات أن الطلاب الذين انفصل أبواهم أو طلقا ظهر عندهم ميل شديد للغضب ورغبة في الانطواء كما كانوا أقل حساسية للقبول الاجتماعي وأقل قدرة على ضبط النفس وأكثر ضيقا ، وهذه جميعها تؤدي إلى التأخر الدراسي والرسوب المتكرر 0
4ـ أسباب تربوية : ومنها طريقة المعلم في تدريسه وتوصيله للمعلومة إلى ذهن الطالب ، والكتاب المدرسي ، والمنهج الدراسي بصفة عامة ، وطريقة المعلم وكيفية تدريسه لها الدور الأساسي والمهم في عملية توصيل المعلومات للطالب ، فلا بد أن يكون المعلم حاذقا وعلى إطلاع بالتربية الحديثة وعلم النفس التربوي ، وطرق التدريس الحديثة حتى يتمكن من توصيل المعلومات لطلابه ، وكذلك يجب عليه مراعاة الفروق الفردية بين الطلاب في اكتساب المعلومات وفهم المادة العلمية0
سمات الطلاب المتأخرين دراسيا
يتصف الطالب المتأخر دراسياً ببعض الخصائص والسمات مجتمعة أو منفردة والتي أوضحتها بعض الدراسات والبحوث النفسية من أهمها ما يلي :
1- السمات والخصائص العقلية :
* مستوى إدراكه العقلي دون المعدل.
* ضعف الذاكرة وصعوبة تذكره للأشياء.
* عدم قدرته على التفكير المجرد واستخدامه الرموز.
* قلة حصيلته اللغوية.
* ضعف إدراكه للعلاقات بين الأشياء.
2ـ السمات والخصائص الجسمية:
* لا يكون في صحته الجسمية الكاملة وقد يكون لديه أمراض ناتجة عن سوء التغذية:
* لديه مشكلات سمعية وبصرية أو عيوب في الأسنان وتضخم في الغدد أو اللوزتين أو زوائد أنفية.
3- السمات والخصائص الانفعالية :
* فقدان أو ضعف ثقته بنفسه.
* شرود الذهن أثناء الدرس .
* عدم قابليته للاستقرار وعدم قدرته على التحمل .
* شعوره بالدونية أو شعوره بالعداء.
* نزوعه للكسل والخمول .
* سوء توافقه النفسي .
4- السمات والخصائص الشخصية والاجتماعية :
* قدرته المحدودة في توجيه الذات أو التكيف مع المواقف الجديدة.
* انسحابه من المواقف الاجتماعية والانطواء.
5- العادات والاتجاهات الدراسية :
* التأجيل أو الإهمال في إنجاز أعماله أو واجباته.
* ضعف تقبله وتكيفه للمواقف التربوية والعمل المدرسي.
* ليست لديه عادات دراسية جيدة.
* لا يستحسن لمدرسه كثيراً.
التأخر الدراسي علاجه :
أن الكثير من حالات التأخر الدراسي يعود كما أسلفنا إلى أسباب متعددة ولتحسين مستوى تحصيل الطالب لابد من التشخيص الدقيق لنقاط الضعف لديه ولبحث عن الأسباب ومن ثم وضع العلاج المناسب .
وعادة يتم علاج التأخر الدراسي في إطارين:
أولهما : توجيه المعالجة إلى أسباب تخلف الطالب في دراسته سواء اجتماعية ، صحية اقتصادية .. الخ .
ثانيهما: توجيه المعالجة نحو التدريس أو إلى مناطق الضعف التي يتم تشخيصها في كل مادة من المواد الدراسية باستخدام طرق تدريس مناسبة يراعى فيها الفروق الفردية.وتكثيف الوسائل التعليمية الاهتمام بالمهارات الأساسية لكل مادة والعلاقات المهنية الايجابية بين المدرس والطالب.
ويتم تحقيق تلك المعالجات من خلال تحديد الخدمات الإرشادية والعلاجية المناسبة لكل حالة ويمكن تقسيم هذه الخدمات إلى :
أولاً: خدمات وقائية :
1 - خدمات التوجيه والإرشاد الأكاديمي والتعليمي .
2 - الخدمات التعليمية.
3 - خدمات صحية .
4 - خدمات توجيهية .
5 - خدمات إرشادية نفسية.
6 - خدمات التوجيه الأسرية.
ثانياً: خدمات علاجية:
1 - العلاج الاجتماعي .
2 - الإرشاد النفسي .
3 - العلاج التعليمي .
أولاً - الخدمات الوقائية :
وتهدف إلى الحد من العوامل المسئولة عن التأخر الدراسي وأهم هذه الخدمات :
1- التوجيه والإرشاد الأكاديمي والتعليمي . وتتمثل في تبصير الطلاب بالخصائص العقلية والنفسية . ومجالات التعليم العام والفني والمهني والجامعات والكليات ومساعدة الطلاب على اختيار التخصص أو نوع التعليم المناسب .
2- الخدمات التعليمية وتتمثل في توجيه عناية المدرس إلى مراعاة الفروق الفردية أثناء التعليم أو التدريس وتنويع طريقه التدريس واستخدام الوسائل التعليمية ، وعدم إهمال المتأخرين دراسياً .
3- خدمات صحية وتتمثل في متابعة أحوال الطلاب الصحية بشكل دوري ومنتظم وتزويد المحتاجين منهم بالوسائل التعويضية كالنظارات الطبية والسماعات لحالات ضعف البصر أو السمع، وإحالة الطلاب الذين يعانون من التهاب اللوزتين والعيوب في الغدد الصماء وسوء التغذية إلى المراكز الصحية أو الوحدات الصحية المدرسية لأخذ العلاج اللازم .
4- خدمات توجيهيه وتتمثل في تقديم النصح والمشورة للطلاب عن طرق الاستذكار السليمة و مساعدتهم على تنظيم أوقات الفراغ واستغلالها وتنمية الواعي الصحي والديني والاجتماعي لديهم وغرس القيم والعادات الإسلامية الحميد وقد يتم ذالك من خلال المحاضرات أو المناقشات الجماعية أو برامج الإذاعة المدرسية وخاصة في طابور الصباح أو من خلال النشرات والمنطويات .
5- خدمات إرشادية نفسية وتتمثل في مساعدة الطلاب على التكييف والتوافق مع البيئة المدرسية والأسرية وتنمية الدوافع الدراسية والاتجاهات الايجابية نحو التعليم والمدرسة ومقاومة الشعور بالعجز والفشل ويتم ذلك من خلال المرشد الطلابي لأسلوب الإرشاد الفردي أو أسلوب الإرشاد الجماعي حسب حالات التأخر ومن خلال دراسة الحالة .
6- خدمات التوجيه الأسرية وتتمثل في توجيه الآباء بطرق معاملة الأطفال وتهيئة الأجواء المناسبة للمذاكرة ومتابعة الأبناء وتحقيق الاتصال المستمر بالمدرسة وذلك من خلال استغلال تواجد أولياء الأمور عند اصطحاب أبنائهم في الأيام الأولى من بدء العام الدراسي وأيضاً من خلال زيارة أولياء الأمور للمدرسة بين فترة وأخرى وكذلك عند إقامة مجالس الآباء والمعلمين...الخ.
ثانياً: خدمات علاجية:
وتهدف إلى إزالة العوامل المسئولة عن التأخر الدراسي من خلال :
1 - العلاج الاجتماعي .
2 - الإرشاد النفسي .
3 - العلاج التعليمي .
1 - العلاج الاجتماعي :
ويستخدم هذا الأسلوب إذا كان التأخر الدراسي شاملاً ولكنه طارئ حيث يقوم المعالج (المرشد الطلابي ) بالتركيز على المؤثرات البيئية الاجتماعية التي أدت إلى التأخر الدراسي ويقترح تعديلها أو تغييرها بما يحقق العلاج المنشود.
ومن المقترحات العلاجية في هذا الجانب ما يلي :
1- إحالة الطالب إلى طبيب الوحدة الصحية أو أي مركز صحي لأجراء الكشف عليه وتقديم العلاج المناسب.
2- وضع الطالب في مكان قريب من السبورة إذا كان يعاني من ضعف السمع والبصر.
3- نقل الطالب إلى أحد فصول الدور الأرضي إذا كان يعاني من إعاقة جسمية كالشلل أو العرج أو ما شابه ذلك.
4- تقديم بعض المساعدات العينية أو المالية إذا كانت أسرة الطالب تعاني من صعوبات اقتصادية أو مالية في توفير الأدوات المدرسية للطالب.
5- توعية الأسرة بأساليب التربية المناسبة وكيفية التعامل مع الأطفال أو الأبناء حسب خصائص النمو ، وتعديل مواقف واتجاهات الوالدين تجاه الأبناء.
6- إجراء تعديل أو تغيير في جماعة الرفاق للطالب المتأخر دراسياً.
7 - نقل الطالب المتأخر دراسياً من فصله إلى فصل آخر كجانب علاجي إذا أتضح عدم توافقه مع زملائه في الفصل أو عجزه عن التفاعل معهم ، إذا كان السبب في التأخر له علاقة بالفصل .
8 - إحالة الطالب المتأخر دراسياً إلى إحدى عيادات الصحة النفسية أو معاهد التربية الفكرية لقياس مستوى الذكاء إذا كان المعالج يرى أن التأخر له صلة بالعوامل العقلية .
2 - الإرشاد النفسي :
وفيه يقوم المعالج ( المرشد الطلابي ) بمساعدة الطالب المتأخر دراسياً في التعرف على نفسه وتحديد مشكلاته وكيفية استغلال قدراته واستعداداته والاستفادة من إمكانيات المدرسة والمجتمع بما يحقق له التوافق النفسي والأسري والاجتماعي .
ومن المقترحات العلاجية في هذا الجانب ما يلي :
* عقد جلسات إرشادية مع الطالب المتأخر دراسياً بهدف إعادة توافق الطالب مع إعاقته الجسمية والتخلص من مشاعر الخجل والضجر ومحاولة الوصول به إلى درجة مناسبة من الثقة في النفس وتقبل الذات .
* التعامل مع الطالب الذي لديه تأخر دراسي بسبب نقص جسمي أو إعاقة جسمية بشكل عادي دون السخرية منه أو التشديد عليه.
* تغيير أو تعديل اتجاهات الطالب المتأخر دراسياً السلبية في شخصيته نحو التعليم والمدرسة والمجتمع وجعلها أكثر إجابة .
* تغيير المفهوم السلبي عن الذات وتكوين مفهوم ايجابي عنه .
* مساعدة الطالب المتأخر دراسياً على فهم ذاته ومشكلته وتبصيره بها وتعريفه بنواحي ضعفه والأفكار الخاطئة وما يعانيه من اضطرابات انفعالية .
* تنمية الدافع ( وخاصة دافع التعلم ) وخلق الثقة في نفس الطالب التأخر دراسياً .
* إيجاد العلاقة الإيجابية بين المعلم والطالب المتأخر دراسياً وتشجيع المعلم على فهم نفسية الطالب المتأخر دراسياً وتحليل دواخله.
* التأكيد على المعلم بمراعاة التالي عند التعامل مع المتأخر دراسياً :
** عدم إجهاد الطالب بالأعمال المدرسية.
** عدم إثارة المنافسة والمقارنة بينه وبين زملائه.
** عدم توجيه اللوم بشكل مستمر عندما يفشل الطالب المتأخر دراسياً في تحقيق أمر ما . وعدم المقارنة الساخطة بينه وبين زملاء له أفلحوا فيما فشل هو فيه.
3- العلاج التعليمي :
ويستخدم هذا الأسلوب إذا كان التأخر الدراسي في مادة واحدة أو أكثر وأن سبب التأخر لا يتصل بظروف الطالب العامة أو الاجتماعية أو قدراته العقلية . بل بطريقة التدريس . عندها يقوم المعالج ( المرشد الطلابي أو المدرس ) بالتركيز على كل ماله صلة بالمادة ، المدرس , طريقة التدريس, العلاقة مع المدرس ، عدم إتقان أساسيات المادة ...الخ.
ومن المقترحات العلاجية في هذا الجانب ما يلي :
* إرشاد الطالب المتأخر دراسياً وتبصيره بطرق استذكار المواد الدراسية عملياً .
* مساعدة الطالب المتأخر دراسياً فيوضع جدول عملي لتنظيم وقته واستغلاله في الاستذكار والمراجعة .
* متابعة مذكرة الواجبات المدرسية للطالب المتأخر دراسياً وإعطائه الأهمية القصوى في الإطلاع عليها وعلى الملاحظات المدونة من المدرسين .
* إعادة تعليم المادة من البداية للطالب المتأخر دراسياً والتدرج معه في توفير عامل التقبل ومشاعر الارتياح وتقديم الإشادة المناسبة لكل تقدم ملموس وذالك إذا كان السبب في التأخر يرجع إلى عدم تقبل الطالب لهذه المادة .
* عقد لقاء أو اجتماع مع المعلم الذي يظهر عنده تأخر دراسي مرتفع والتعرف منه على أسباب ذالك التأخر وماهي المقترحات العلاجية لدية . ثم التنسيق معه بعد ذلك حول الإجراءات العلاجية لذالك التأخر .
* عمل فصول تقويه علاجية لتنمية قدرات الطالب تسمح به للحاق بزملائه حيث يعتمد المعلم في تلك الفصول على استخدام الوسائل المعينة كعامل مساعد لتوصيل المعلومات .